أكانت تلك المعلومات تصورات كعلم البديع ، أم تصديقات. وسواء أكانت تلك التصديقات قضايا كلية ـ وهو الغالب ـ أم جزئية أم شخصية كعلم الحديث رواية.
هذا كله إطلاق واحد من إطلاقات ثلاثة لعلماء التدوين. والإطلاق الثانى عندهم :
هو الإدراك أى إدراك تلك المعارف السالفة. والإطلاق الثالث : هو على ما يسمونه ملكة الاستحصال أى التى تستحصل بها تلك المعارف. أو ملكة الاستحضار أى التى تستحضر بها المعارف بعد حصولها. وأول هذه الإطلاقات هو أولاها بالقبول لأنه المتبادر من نحو قولهم : «تعلمت علما من العلوم ، وموضوع العلم كذا» والتبادر ـ كما يقولون ـ أمارة الحقيقة. ذلك ما أردنا بسطه في الكلام على لفظ «علوم» من قولنا «علوم القرآن».
٢ ـ أما لفظ القرآن : فهو في اللغة مصدر مرادف للقراءة ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ثم نقل من هذا المعنى المصدرى وجعل اسما للكلام المعجز المنزل على النبى صلىاللهعليهوسلم ، من باب إطلاق المصدر على مفعوله.
ذلك ما نختاره استنادا إلى موارد اللغة ، وقوانين الاشتقاق ، وإليه ذهب اللحيانى وجماعة. أما القول بأنه وصف من القرء بمعنى الجمع ، أو أنه مشتق من القرائن. أو أنه مشتق من قرنت الشيء بالشىء ، أو أنه مرتجل أى موضوع من أول الأمر علما على الكلام المعجز المنزل ، غير مهموز ولا مجرد من أل ، فكل أولئك لا يظهر له وجه وجيه ، ولا يخلو توجيه بعضه من كلفة ، ولا من بعد عن قواعد الاشتقاق وموارد اللغة.
وعلى الرأى المختار فلفظ قرآن مهموز ؛ وإذا حذف همزه فإنما ذلك للتخفيف ، وإذا دخلته «ال» بعد التسمية فإنما هى للمح الأصل لا للتعريف.
ويقال للقرآن : فرقان أيضا ، وأصله مصدر كذلك ثم سمى به النظم الكريم ، تسمية للمفعول أو الفاعل بالمصدر ، باعتبار أنه كلام فارق بين الحق والباطل ، أو مفروق