بعضه عن بعض في النزول ، أو في السور والآيات. قال تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) ثم إن هذين الاسمين هما أشهر أسماء النظم الكريم. بل جعلهما بعض المفسرين مرجع جميع أسمائه ، كما ترجع صفات الله على كثرتها إلى معنى الجلال والجمال. ويلى هذين الاسمين في الشهرة : هذه الأسماء الثلاثة : الكتاب ، والذكر والتنزيل. وقد تجاوز صاحب البرهان حدود التسمية ، فبلغ بعدتها خمسة وخمسين ، وأسرف غيره فى ذلك حتى بلغ بها نيفا وتسعين ، كما ذكره صاحب التبيان. واعتمد هذا وذاك على إطلاقات واردة في كثير من الآيات والسور ، وفاتهما أن يفرقا بين ما جاء من تلك الألفاظ على أنه اسم ، وما ورد على أنه وصف ، ويتّضح ذلك لك على سبيل التمثيل ، فى عدهما من الأسماء ، لفظ «قرآن» ولفظ «كريم» أخذا من قوله تعالى (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) كما عدّا من الأسماء لفظ «ذكر» ولفظ «مبارك» اعتمادا على قوله تعالى :
(وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ) على حين أن لفظ قرآن وذكر في الآيتين ، مقبول كونهما اسمين. أما لفظ كريم ومبارك ؛ فلا شك أنهما وصفان كما ترى. والخطب في ذلك سهل يسير ، بيد أنه مسهب طويل ، حتى لقد أفرده بعضهم بالتأليف. وفيما ذكرناه كفاية (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ).
القرآن في الاصطلاح
معلوم أن القرآن كلام الله ، وأن كلام الله غير كلام البشر ، ما في ذلك ريب. ومعلوم أيضا أن الإنسان له كلام ، قد يراد به المعنى المصدرى ، أى التكلم ، وقد يراد به المعنى الحاصل بالمصدر ، أى المتكلّم به. وكل من هذين المعنيين : لفظى ونفسى. فالكلام البشرى اللفظى بالمعنى المصدرى : هو تحريك الإنسان للسانه وما يساعده في إخراج الحروف من المخارج. والكلام اللفظى بالمعنى الحاصل بالمصدر : هو تلك الكلمات