قال مقاتل (١) وغيره : منهم الجلاس بن سويد ، وشاس (٢) بن قيس ، ومخشي (٣) بن الحمير ، ورفاعة بن زيد ، ورفاعة بن عبد المنذر ، وعبيدة بن الحارث ، قالوا ما لا ينبغي ، فقال رجل منهم : لا تفعلوا ، فإنا نخاف أن يبلغ محمدا فيقع بنا. فقال جلاس : نقول ما شئنا ، فإنما محمد أذن سامعة ، فنأتيه فيصدقنا بما نقول ، فنزل في الجلاس : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) ... الآية (٤).
فائدة ينبغي أن تلاحظ :
اعلم أنه يجب على العاقل أن لا يبادر إلى سبّ كل من سمع عنه النفاق والوقعية فيهم ، فإن جماعة من المنافقين بل أكثرهم راجعوا رشدهم حين اطلعوا على محاسن الإسلام وظهرت لهم براهين صحته ، وشاهدوا معجزات المبعوث به صلىاللهعليهوسلم. هذا مخشي بن الحمير كان يلمز بالنفاق ، ثم تاب وحسنت توبته ، وسمي عبد الرحمن ، وسأل الله تعالى أن يقتل شهيدا ، ولا يعلم مكانه ، فقتل يوم اليمامة شهيدا ، ولم ير له أثر (٥).
وأما الجلاس فحسنت توبته ، على ما سنذكره عن قريب إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) تفسير مقاتل (٢ / ٥٥).
(٢) في تفسير مقاتل : وشماس.
(٣) في تفسير مقاتل : والمخش.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٦ / ١٨٢٦) عن السدي. وانظر : أسباب النزول للواحدي (ص : ٢٥٤) ، والماوردي (٢ / ٣٧٧). وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٢٢٧) وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي.
(٥) انظر : الإصابة (٦ / ٧١) ، ولباب النقول (ص : ١١٩) ، والدر المنثور (٤ / ٢٣١).