قلت : المقام المحمود مطلق في كل ما يجب الحمد للنبي صلىاللهعليهوسلم من أنواع الكرامات والشفاعة ، والقعود على العرش نوعان مما يتناوله الإطلاق ، فحينئذ لا منافاة بين القولين ، ولا مناقضة بين الروايتين.
(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (٨٠) وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(٨١)
قوله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) قال ابن عباس : أدخلني القبر مدخل صدق ، وأخرجني منه مخرج صدق (١).
كأنه يريد : أدخلني القبر إدخالا مرضيّا مطهّرا من السيئات ، وأخرجني منه إخراجا مرضيا ، ويؤيد ذلك أنه ذكره على إثر البعث.
وروى ابن عباس أن المعنى : أدخلني المدينة مدخل صدق ، وأخرجني من مكة مخرج صدق (٢).
وقال الضحاك : أدخلني مكة مدخل صدق وأخرجني منها مخرج صدق ،
__________________
(١) الماوردي في تفسيره (٣ / ٢٦٧) ، وزاد المسير (٥ / ٧٧).
(٢) أخرجه الترمذي (٥ / ٣٠٤) ، وأحمد (١ / ٢٢٣) ، والحاكم (٣ / ٤) ، والطبراني في الكبير (١٢ / ١٠٩) ، والبيهقي في سننه (٩ / ٩) ، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (٩ / ٥٣٥) ، والطبري (١٥ / ١٤٨). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥ / ٧٧) ، والسيوطي في الدر (٥ / ٣٢٨) وعزاه لأحمد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي معا في الدلائل والضياء في المختارة. وهذا القول هو الذي اختاره ابن جرير.