يطلع على هؤلاء الفتية أحدا فيعلموا أمرهم إذا قرؤوا الكتاب. هذا قول ابن عباس وأكثر المفسرين.
ومعنى الآية : بل أحسبت أنهم كانوا أعجب آياتنا؟ قد كان في آياتنا من خلق السموات والأرض وما فيهما (١) من العجائب ما هو أعجب من ذلك.
وقال ابن عباس : الذي آتيتك من الكتاب والسنة والعلم أفضل من شأنهم (٢).
قوله تعالى : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) أي : صاروا إليه وجعلوه مأواهم (فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) أي : مغفرة ورزقا وأمنا من الأعداء ، (وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا) أي : أصلح لنا من أمرنا الذي نحن عليه من مفارقة الكفار وغيره (رَشَداً).
فصل
اختلف العلماء في سبب مصيرهم إلى الكهف ؛ قال ابن عباس وغيره : كان لهم ملك فدعاهم إلى عبادة الأصنام ، وامتحنهم على ذلك ، ففرّوا بدينهم ، فمرّوا براع له كلب ، فتبعهم ، فأووا إلى الكهف يتعبّدون ، ورجل منهم يبتاع لهم أرزاقهم من المدينة سرّا ، إلى أن جاءهم يوما فأخبرهم أنهم قد ذكروا ، فبكوا وتعوّذوا بالله من الفتنة ، فضرب الله على آذانهم ، وأمر الملك فسدّ عليهم الكهف وهو يظنّهم أيقاظا ، وقد توفّى الله تعالى أرواحهم وفاة النوم ، وكلبهم قد غشيه ما غشيهم. ثم إن رجلين
__________________
(١) في ب : فيها.
(٢) أخرجه الطبري (١٥ / ١٩٨) ، وابن أبي حاتم (٧ / ٢٣٤٦). وذكره السيوطي في الدر (٥ / ٣٦٣) وعزاه لابن أبي حاتم.