جندي (١) ، بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي بطر نعمتي وأمن مكري ، وغرّته الدنيا عني ، حتى جحد حقي ، وأنكر ربوبيتي ، وعبد دوني ، [وزعم](٢) أنه لا يعرفني ، وإني أقسم بعزتي لو لا العذر والحجة اللذان وضعت بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار ، تغضب لغضبه السموات والأرض والجبال والبحار ، فإن أمرت السماء حصبته ، وإن أمرت الأرض ابتلعته ، وإن أمرت الجبال دمّرته ، وإن أمرت البحار غرّقته ، ولكنه هان عليّ وسقط من عيني ، ووسعه حلمي ، [واستغنيت](٣) بما عندي ، وحقّ لي إني أنا الغنيّ لا غنيّ غيري ، فبلّغه رسالاتي وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاص اسمي ، وذكّره أيّامي وحذّره نقمتي وبأسي ، [وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي ، وقل له فيما بين ذلك قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى](٤) ، وأخبره أني إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة ، ولا يريعك (٥) ما ألبسته من لباس الدنيا ، فإن ناصيته بيدي ، ليس يطرف ولا ينطق ولا يتنفس إلا بإذني ، قل له : أجب ربك ، فإنه واسع المغفرة ، فإنه قد أمهلك أربعمائة سنة ، وفي كلها أنت مبارز لمحاربته ، تشبّه وتمثّل به وتصدّ عباده عن سبيله ، وهو يمطر عليك السماء ، وينبت لك الأرض ، لم تسقم ولم تهرم ولم تفتقر ولم تغلب ، ولو شاء أن يعجّل ذلك [لك](٦) أو يسلبكه فعل ،
__________________
(١) في ب : جنودي.
(٢) في الأصل : زعم. والتصويب من ب ، ومن الزهد (ص : ٨٢).
(٣) في الأصل : واستغيت. والتصويب من ب ، ومن الزهد ، الموضع السابق.
(٤) زيادة من الزهد ، الموضع السابق.
(٥) في ب : يرعبك. وفي الزهد : يرو عنك.
(٦) زيادة من الزهد (ص : ٨٢).