[ولكنه](١) ذو أناة وحلم عظيم ، وجاهده بنفسك وأخيك وأنتما محتسبان بجهاده ، فإني لو شئت أن آتيه بجنود لا قبل له بها لفعلت ، ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف الذي قد أعجبته نفسه وجموعه أن الفئة القليلة ـ ولا قليل مني ـ تغلب الفئة الكثيرة بإذني ، ولا تعجبنّكما زينته ولا ما متّع به ، ولا تمدّان إلى ذلك أعينكما ، فإنها زهرة الحياة الدنيا وزينة المترفين ، وإني لو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة يعلم فرعون حين ينظر إليها أن [مقدرته](٢) تعجز عن مثل ما أوتيتما فعلت ، ولكني أرغب بكما عن ذلك وأزويه عنكما ، وكذلك أفعل بأوليائي ، وقديما ما خرت لهم في ذلك ، فإني لأذودهم عن نعيمها ورخائها كما يذود الراعي الشفيق غنمه عن مراتع الهلكة ، وإني لأجنّبهم سلوتها وعيشها كما يجنّب الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرّة ، وما ذاك لهوانهم (٣) عليّ ، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفّرا لم تكلمه الدنيا ولم يطغه الهوى ، واعلم أنه لم يتزين العباد بزينة هي أبلغ من الزهد في الدنيا ، فإنها زينة المتقين ، عليهم منها لباس يعرفون به من الخشوع ، سيماهم في وجوههم من آثار السجود ، أولئك أوليائي حقا ، فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك ، وذلّل لهم قلبك ولسانك ، واعلم أنه من أهان لي وليّا وأخافه فقد بارزني بالمحاربة وبادأني ، وعرّض نفسه ودعاني إليها ، وأنا أسرع شيئا إلى نصرة أوليائي ، [أيظن الذي يحاربني أن يقوم لي ، أو يظن](٤) الذي يعاديني أنه يعجزني؟ أم يظن
__________________
(١) زيادة من الزهد (ص : ٨٢).
(٢) في الأصل : قدرته. والتصويب من ب ، والزهد ، الموضع السابق.
(٣) في ب : إلا لهوانهم. وهو خطأ.
(٤) في الأصل : أفيظن. والتصويب والزيادة من الزهد (ص : ٨٣).