يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ) معرضا عن براهين التوحيد ودلائل البعث ، (فَتَرْدى) أي : فتهلك.
والمقصود من ذلك : تثبيت موسى عليهالسلام على الإيمان بالبعث ؛ ليزداد حرصا على الاستعداد واجتهادا في دعاء العباد إلى الله تعالى ، ولتنحسم أطماع المكذبين عن صدّه عما هو بصدده.
فإن قيل : ما موضع" فتردى" من الإعراب؟
قلت : فيه وجهان :
أحدهما : النصب على جواب النهي بالفاء ، كقوله عقيب هذا الموضع : (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ) [طه : ٦١].
الثاني : الرفع ، على معنى : فإذا أنت تردى ، ومثله : (فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) [غافر : ٣٧] ، و" أطّلع" بالنصب أيضا ، وقوله عزوجل : (فَتَنْفَعَهُ) ـ وتنفعه ـ (الذِّكْرى) [عبس : ٤].
(وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨) قالَ أَلْقِها يا مُوسى (١٩) فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى (٢٠) قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى)(٢١)
قوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) قال الزجاج (١) : " تلك" اسم مبهم يجري مجرى" التي". والمعنى : وما التي بيمينك.
فإن قيل : ما الحكمة في سؤاله مع علم الله تعالى بحاله؟
__________________
(١) معاني الزجاج (٣ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤).