قلت (١) : وهذا من المواضع [التي](٢) سلب هذا الرّجل التّوفيق فيها ، ولم يرشده علمه إلى فساد ما خيّله له ظنّه.
ومن العجائب : أنه اعترف أن هذا مسطّرا في مصحف أبيّ بن كعب وسجّل على نفسه به ، وجعل بعد ذلك القائل به والذاهب إليه مغرورا ، وهذا تغفيل عظيم ؛ لأن أبيّا سطّره في مصحفه ، وذلك دليل على أنه سمعه من النبي صلىاللهعليهوسلم ، فإما أن يكون قرآنا أو حديثا ، [وأيا](٣) ما كان فالصائر إليه والمعتمد في التفسير [عليه](٤) مصيب غير مغرور ؛ كما زعم.
وقال أبو علي الفارسي (٥) : هذه همزة السّلب. المعنى : أكاد أسلب خفاءها وأظهرها ، كما تقول : أشكيت الرّجل ؛ إذا أزلت شكواه (٦).
وكان الأخفش يقف على قوله : (أَكادُ) وقفة يسيرة ، ثم يبتدئ (أُخْفِيها لِتُجْزى) ، يشير إلى أن اللام في" لتجزى" متعلقة ب" أخفيها".
وهذا حسن لطيف إذا كان" أخفيها" بمعنى : أظهرها أو أزيل خفاءها ، وإلا فهي متعلقة ب" آتية" على معنى : أن الساعة جائية.
(لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ) في يوم الساعة بسعيها في الدنيا وما عملته من خير وشر.
(فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها) أي : لا يصرفنّك عن الإيمان بها والاستعداد لها (مَنْ لا
__________________
(١) أي : المصنف رحمهالله.
(٢) في الأصل : الذي. والتصويب من ب.
(٣) في الأصل : وأ. والمثبت من ب.
(٤) في الأصل : إليه. والتصويب من ب.
(٥) لم أقف عليه في الحجة. وانظر قوله في : البحر المحيط (٦ / ٢١٨) ، والقرطبي (١١ / ١٨٤).
(٦) انظر : اللسان (مادة : شكا).