قوله تعالى : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتخفيف ، والباقون بالتشديد (١). يريد جبريل عليهالسلام.
(بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ) وهو الوحي ؛ سمّي روحا ؛ لما فيه من حياة القلوب.
(عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) وهم الأنبياء عليهمالسلام ، (أَنْ أَنْذِرُوا) قال الزمخشري (٢) : هو بدل من «الروح» ، أي : ينزلهم بأن أنذروا ، وتقديره : بأنه أنذروا ، أي : بأن الشأن أقول لكم أنذروا ، المعنى : اعلموا (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ).
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) (٤)
ثم دلّهم على قدرته وعظمته ووحدانيته فقال : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) ، ثم نزّه نفسه عما يقولون فقال : (تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
قوله تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ) سبب نزولها : أن أبي بن خلف أخذ عظما نخرا فجعل يفتّه بيده ، ويقول : يا محمد! كيف يبعث الله هذا بعد ما رمّ (٣).
والمعنى : خلق الإنسان من مني غير حساس ولا متحرك.
(فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) أي : مخاصم منطيق ، مظهر للحجة بعد ما كان نطفة ، فكيف ينكر قدرتي أو يستبعدها وهو يعلم هذه الحالة من نفسه؟ فلا يستدل بما
__________________
(١) الحجة للفارسي (٣ / ٣١) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٨٥) ، والنشر (٢ / ٣٠٢) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٧٧) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٧٠).
(٢) الكشاف (٢ / ٥٥٤).
(٣) أسباب النزول للواحدي (ص : ٢٨٥) ، وزاد المسير (٤ / ٤٢٨ ـ ٤٢٩). وذكره السيوطي في الدر (٧ / ٧٥) وعزاه لسعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في البعث عن أبي مالك.