أعظم الأسباب الباعثة للإنسان على نقض الأيمان ، زجرهم الله تعالى عنها ونبههم على ما هو خير لهم منها ، فقال : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) أي : عرضا يسيرا من الدنيا (إِنَّما عِنْدَ اللهِ) من حسن الثواب والثناء والجزاء على الوفاء (خَيْرٌ لَكُمْ) من ثمن قليل سريع الزوال والفناء (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ذلك.
(ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ) أي : يفنى وينقطع ، (وَما عِنْدَ اللهِ) من خزائن رحمته (باقٍ) دائم لا ينقطع (وَلَنَجْزِيَنَ) وقرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم : «ولنجزين» بالنون (١).
والمعنى : وليجزين (الَّذِينَ صَبَرُوا) على التمسك بالعهد ومشاق الإسلام ومضايق ما نيط به من الأحكام وأذى المشركين وغير ذلك (أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) في الدنيا ويتجاوز عن سيئاتهم.
وقيل : إن قوله : «بأحسن ما كانوا يعملون» إشارة إلى مضاعفة الجزاء ، كما قال تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [الأنعام : ١٦٠] ، فهذا هو الأحسن.
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(٩٧)
قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) قال علي عليهالسلام ومجاهد ووهب وعكرمة : هي القناعة (٢).
__________________
(١) الحجة للفارسي (٣ / ٤٤) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٩٣) ، والكشف (٢ / ٤٠) ، والنشر (٢ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٨٠) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٧٥).
(٢) أخرجه الطبري (١٤ / ١٧١) عن علي ، وابن أبي حاتم (٧ / ٢٣٠١) ، والحاكم (٢ / ٣٨٨) ، ـ