وقد سبق ذكر المريد في سورة النساء (١).
قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْهِ) أي : قضي على الشيطان (أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ) أي : جعله وليا له ، (فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) عن طريق الجنة (وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) ، وهذه الآية وإن نزلت على سبب خاص فإنها عامة في كل مجادل في الله ؛ في صفاته ، وما يجوز عليه وما لا يجوز ، بغير كتاب ناطق ولا سنّة واضحة ، بل يخبط بآرائه الغائلة [المختلّة](٢) وأهوائه المردية المضلّة.
فإن قيل : الضمير في" أنه" فأنه" إلى أي شيء يرجع؟
قلت : الظاهر اتحاد الضمائر ، وأنّ الضمير فيهما يرجع إلى الشيطان. وقد جوّز بعضهم أن يكون ضمير الشأن ، على معنى : كتب على الشيطان أن الأمر والشأن من تولى الشيطان ، فالشأن أن الشيطان يضلّه.
فإن قيل : ما وجه الفتح في" أنه" فأنه" ، ووجه قراءة أبي مجلز وأبي العالية بالكسر فيهما؟
قلت : من فتحهما جعل الأولى فاعل" كتب" ، والثاني عطف عليه (٣). ومن كسر هما فعلى حكاية المكتوب ، كما تقول : كتبت أن الله هو الغني الحميد ، أو على تقدير : قيل له ، أو على أن" كتب" فيه معنى القول (٤).
__________________
(١). عند آية رقم : ١١٧.
(٢) في الأصل : المختلفة. والتصويب من ب.
(٣) قال أبو حيان في البحر (٦ / ٣٢٦) : وهذا لا يجوز ؛ لأنك إذا جعلت" فأنه" عطفا على" أنه" بقيت «أنه» بلا استيفاء خبر ؛ لأن" من تولاه" من فيه مبتدأة ، فإنه قدرتها موصولة فلا خبر لها حتى يستقل خبر لأنه ، وإن جعلتها شرطية فلا جواب لها ، إذ جعلت" فأنه" عطفا على" أنه".
(٤) ذكر ذلك الزمخشري في الكشاف (٣ / ١٤٥).