قاهرين لهم بالبغي والظلم.
(فَقالُوا) تعظيما وتكبرا عليهما (أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) خاضعون مطيعون.
(فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ) بالغرق. وقد سبق ذكره في البقرة.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) يعني : التوراة ، أعطيها دفعة واحدة بعد غرق فرعون.
قال الزمخشري (١) : المعنى : ولقد آتينا قوم موسى الكتاب ، كما قال : (عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) [يونس : ٨٣] يريد : آل فرعون ، وكما يقولون : هاشم ، وثقيف ، وتميم.
ولا يجوز أن يرجع الضمير في (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) إلى فرعون وملإه ؛ لأن التوراة إنما أوتيها بنو إسرائيل بعد إغراق فرعون وملإه.
قلت : ولا حاجة به إلى هذا التعسف ؛ لأن الضمير في : "(لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)" يرجع إلى قوله : (وَقَوْمُهُما) ، على أنه غير منكر في القرآن والكلام الفصيح الكناية عن غير مذكور ؛ كقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر : ١] ، و (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) [ص : ٣٢] ، وقوله تعالى : (إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) [القيامة : ٢٦].
وقد سبق الكلام على قوله تعالى : (عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) [في](٢) يونس (٣).
__________________
(١) الكشاف (٣ / ١٩١).
(٢) في الأصل : وفي. والتصويب من ب.
(٣) عند الآية رقم : ٨٣.