قوله تعالى : (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها) أي : قل يا محمد للمكذبين بالوحدانية والبعث : لمن الأرض ومن فيها من الخلق على تصاريف أجناسهم وأنواعهم خلقا وملكا (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أن لها خالقا ومالكا (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) لا يجدون بدا من الإقرار بذلك. (قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) فتعلمون أن من فطر الأرض ومن فيها من الخلق قادر على إعادته ، وحقيق أن لا يشرك به.
(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) أي : الكريم على الله ، أو العظيم في الخلق ، فإن السموات والأرض بالنسبة إلى العرش كحلقة ملقاة في فلاة ، (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ).
قرأ أبو عمرو : " الله" بألف في هذه والتي بعدها على ما يقتضيه اللفظ من جواب السؤال ، وكذلك هو في مصحف أهل البصرة ، وقرأهما الباقون : " سيقولون لله" (١).
وكذلك هو في سائر المصاحف نظرا إلى المعنى ؛ لأن معنى من رب السموات : لمن السموات ، فقال : لله ، كما يقال : من مالك هذه الدار؟ فيقال : لزيد ؛ لأن معناه : لمن هذه الدار ، وكذلك : (مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ) معناه : لمن الأشياء كلها؟ فقيل : لله ، وأنشدوا :
إذا قيل من ربّ المزالف والقرى |
|
وربّ الجياد الجرد قيل لخالد (٢) |
__________________
(١) الحجة للفارسي (٣ / ١٨٥) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٤٩٠) ، والكشف (٢ / ١٣٠) ، والنشر (٢ / ٣٢٩) ، والإتحاف (ص : ٣٢٠) ، والسبعة (ص : ٤٤٧).
(٢) انظر البيت في : القرطبي (١٢ / ١٤٦) ، والنسفي (٣ / ١٢٩) ، وروح المعاني (١٨ / ٥٨).
والمزالف : هي البلاد التي بين الريف والبرّ (اللسان ، مادة : زلف).