تريني ما تعدهم من العذاب في الدنيا أو في الآخرة (فَلا تَجْعَلْنِي) قرينا لهم ولا تعذبني (١) بعذابهم.
قال الحسن : أخبره الله تعالى أن له في أمته [نقمة](٢) ولم يخبره أفي حياته أم بعد موته ، فأمره أن يدعو بهذا الدعاء (٣).
فإن قلت : كيف يجوز أن يجعل الله نبيه المعصوم مع الظالمين ، حتى يطلب أن لا يجعله معهم؟
قلت : يجوز أن يسأل العبد ربه ما علم أنه يفعله ، وأن يستعيذ به مما علم أنه لا يفعله ؛ إظهارا للعبودية وتواضعا لربه وإخباتا له ، واستغفاره صلىاللهعليهوسلم إذا قام من مجلسه سبعين أو مائة مرة لذلك (٤). وما أحسن قول الحسن في قول أبي بكر رضي الله عنه : «ولّيتكم ولست بخيركم» (٥) : كان يعلم أنه خيرهم ، ولكن (٦) المؤمن يهضم نفسه (٧).
__________________
(١) في ب : تعدني.
(٢) في الأصل : نعمة. والتصويب من ب ، ومن الكشاف (٣ / ٢٠٣).
(٣) ذكره النسفي في تفسيره (٣ / ١٣٠) بلا نسبة ، والآلوسي في روح المعاني (١٨ / ٦١).
(٤) أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» (٥ / ٢٣٢٤ ح ٥٩٤٨).
وأخرج مسلم في صحيحه عن الأغر المزني قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «... وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة» (٤ / ٢٠٧٥ ح ٢٧٠٢).
(٥) أخرجه معمر في جامعه (١١ / ٣٣٦).
(٦) في ب : لكن.
(٧) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦ / ٣٥٣) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٣٠ / ٣٠٤).