ثم أخبر أنه قادر على ذلك بقوله : (وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ).
ثم أمره بالصبر إلى انقضاء الأجل المضروب لعذابهم فقال : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) قال ابن عباس : ادفع بلا إله إلا الله الشرك (١).
وقال الحسن : ادفع إساءة المسيء بالصفح (٢).
وبعض المفسرين يقول : هذه منسوخة بآية السيف (٣) ، كأنه أمره بالإعراض عن المشركين والصفح والتجاوز عن أذاهم حتى ينقضي الأجل المضروب لهم.
والصحيح : أنها محكمة ؛ لأنها حضت على المداراة ، والمداراة مشروعة ما لم تفض إلى ارتكاب محظور في الدين ، أو إزراء بمروءة.
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ) من الكفر والتكذيب ، وأقدر على مجازاتهم ، ومع ذلك لم يعاجلهم بالعقوبة. فجدير بك سلوك سبيل المحاسنة.
قوله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ) الهمز في اللغة : الدفع (٤). وهمزات الشياطين : دفعهم المكلفين بالإغواء إلى المعاصي وإغراؤهم بها بالتحسين والتزيين.
قال الزجاج (٥) : واحد الهمزات : همزة ، وهو مسّ الشيطان ، ويجوز أن تكون نزغات الشيطان.
__________________
(١) ذكره النسفي في تفسيره (٣ / ١٣٠) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٦ / ٣٨٧) بلا نسبة.
(٢) ذكره الماوردي (٤ / ٦٦) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٥ / ٤٨٩).
(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥ / ٤٨٩). وانظر : الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص : ١٢٩) ، والناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص : ٤٦) ، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص : ٤٠٣).
(٤) انظر : اللسان (مادة : همز).
(٥) معاني الزجاج (٤ / ٢١).