البعث إلا إلى الآخرة.
(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) (١٠٤)
قوله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) سبق ذكر الصّور في الأنعام (١).
واختلفت الرواية عن ابن عباس في هذه النفخة ، هل هي الأولى التي هي نفخة الموت (٢) ، أو نفخة البعث (٣).
فإن قلنا : هي النفخة الأولى ؛ فلا إشكال حينئذ في قوله : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) ؛ لأن الموت حال بينهم وبين التساؤل.
وإن قلنا : هي النفخة الثانية ؛ كان المعنى : فلا أنساب بينهم يومئذ يتفاخرون بها ، على ما عليه عادة العرب ، لا يتساءلون كما يتساءل العرب في الدنيا : من أي قبيل أنت ، وابن من أنت ، وولوعهم بذلك أظهر من أن يشهر.
ومن أعجب ما طرق سمعي لهم في ذلك ، ما روي : أن رجلا من بني سعد دخل على عبد الملك بن مروان ، فقال له عبد الملك : ممن الرجل؟ فقال من الذين
__________________
(١) عند الآية رقم : ٧٣.
(٢) أخرجه الطبري (١٨ / ٥٤). وذكره السيوطي في الدر (٦ / ١١٦ ـ ١١٧) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وفيه من وجوه فانظره.
(٣) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٢٩٨) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٥ / ٤٩٠).