عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء : ١٥٨] ، (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً) [النساء : ١٣٤] ، كأنه كان ثم تقضّى؟ فقال ابن عباس : هات ما في نفسك من هذا؟ فقال السائل : إذا أنبأتني بهذا فحسبي. قال ابن عباس : قوله : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) فهذا في النفخة الأولى ينفخ في الصور ، فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ، فإذا كانت النفخة الأخرى قاموا فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون.
وأما قول الله تعالى : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) وقوله : (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) فإن الله تبارك وتعالى يغفر يوم القيامة لأهل الإخلاص ذنوبهم لا يتعاظم عليه ذنب أن يغفره ، ولا يغفر شركا ، فلما رأى المشركون ذلك قالوا : إن ربنا يغفر الذنوب ولا يغفر شركا ، تعالوا نقول : إنا كنا أهل ذنوب ولم نكن مشركين ، فقال الله : أما إذا كتموا الشرك فاختموا على أفواههم ، فيختم على أفواههم فتنطق أيديهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون. فعند ذلك عرف المشركون أن الله لا يكتم حديثا (١) ، فذلك قوله : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً).
وأما قوله تعالى : (أَمِ السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها* وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها* وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) فإنه خلق الأرض في يومين قبل خلق السماء ، ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين ، ثم نزل إلى الأرض فدحاها ، ودحيها أن أخرج منها الماء والمرعى وشقّ فيها الأنهار ، وجعل فيها
__________________
(١) في ب : ذنبا.