وجهه (١) (ما لا يَضُرُّهُ) إن لم يعبده ، (وَما لا يَنْفَعُهُ) إن عبده ، وهي الأصنام ، (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) عن سنن الرشاد.
(يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) قال السدي : المعنى : يدعو لمن ضره في الآخرة بعبادته أقرب من نفعه (٢).
قال المفسرون : هو الصنم لا [نفع](٣) عنده أصلا ، وإنما جاء هذا على لغة العرب ، وهم يقولون في الشيء الذي لا يكون : هذا بعيد (٤). ومنه قولهم فيما حكاه الله تعالى عنهم : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) [ق : ٣] ، فلهذا قال : (أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) ، وهذا اختيار الزجاج (٥).
وقال صاحب الكشاف (٦) : إن قلت : الضرر والنفع منفيان عن الأصنام مثبتان لها في الآيتين ، وهذا تناقض؟
قلت : إذا حصل المعنى ذهب هذا الوهم ، وذلك أن الله تعالى سفه الكافر بأنه يعبد جمادا لا يملك ضرا ولا نفعا ، وهو يعتقد فيه بجهله وضلاله أنه يستنفع به حين يستشفع به. ثم قال : يوم القيامة يقول هذا الكافر بدعاء وصراخ ، حين يرى استضراره بالأصنام ودخوله النار بعبادتها ، ولا يرى أثر الشفاعة التي ادعاها : (لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) أو كرر يدعو ، كأنه قال :
__________________
(١) في ب : أخر قوله : (مِنْ دُونِ اللهِ) إلى هنا.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٨ / ٢٤٧٧). وذكره السيوطي في الدر (٦ / ١٥) وعزاه لابن أبي حاتم.
(٣) في الأصل : ينفع. والتصويب من ب.
(٤) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٢٦١) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٥ / ٤١٢).
(٥) معاني الزجاج : (٣ / ٤١٥).
(٦) الكشاف (٣ / ١٤٨).