وأصله من حرف الشيء وهو طرفه (١) ، كأنه لشدة قلقه واضطرابه وعدم استقراره وتمكنه في الدين على حرف منه.
(فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ) رخاء وعافية (اطْمَأَنَّ بِهِ) وسكن وثبت على الدين بذلك الخير ، (وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ) ابتلاء واختبار بقلة مال وجدب ومرض ، (انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) ارتد إلى وجهه الذي كان عليه من الكفر ، (خَسِرَ الدُّنْيا) حيث لم يظفر بسؤله ، (وَالْآخِرَةَ) بكفره بالله وبرسوله.
وقرأت ليعقوب من روآية زيد عنه : " خاسر الدنيا" بألف والنصب على الحال ، " والآخرة" بالجر (٢).
(ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) الظاهر لمن له أدنى مسكة من درآية وهدآية.
قال المفسرون : نزلت في أعاريب كانوا يقدمون المدينة على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فكان أحدهم إذا صح جسمه ، ونتجت فرسه ، وكثرت ماشيته ، وولدت امرأته غلاما سويا ، اطمأن وقال : ما أصبت منذ دخلت في دين هذا إلا خيرا ، وإن كان الأمر بخلافه قال : ما أصبت إلا شرا ، وانقلب (٣).
قوله تعالى : (يَدْعُوا) أي : يعبد (مِنْ دُونِ اللهِ) هذا المرتد المنقلب على
__________________
ـ لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد.
ومن طريق آخر عن قتادة ، وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.
(١) انظر : اللسان ، مائدة : (حرف).
(٢) إتحاف فضلاء البشر (ص : ٤١٣ ـ ٤١٤) ، والنشر (٢ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦).
(٣) أخرجه البخاري (٤ / ١٧٦٨) ، والطبري (١٧ / ١٢٢ ـ ١٢٣). وذكره السيوطي في الدر (٦ / ١٣ ـ ١٤) وعزاه للبخاري وابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس. ومن طريق آخر عن الحسن وعزاه لعبد بن حميد.