(فَيُصِيبُ بِهِ) أي : بالبرد (مَنْ يَشاءُ) فيضرّه في زرعه وثمره ، (وَيَصْرِفُهُ) عمن (يَشاءُ) فلا يضرّه.
(يَكادُ سَنا بَرْقِهِ) أي : يقرب ضوء برق السحاب ، (يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) أي : يخطفها لشدة لمعانه ، ومثله : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) [البقرة : ٢٠].
وقرأت لأبي جعفر : " يذهب" بضم الياء وكسر الهاء (١) ، فتكون الياء زائدة ، تقديره : يذهب الأبصار.
فإن قيل : ما وجه قراءة طلحة بن مصرف : " سناء برقه" بالمد (٢) ، مع أن السناء هو الشرف؟
قلت : يجوز أن يكون المراد : المبالغة في صفاء ضوئه ، فأطلق عليه لفظة الشّرف ، كما تقول : هذا ضوء كريم.
وقد ذكرنا فيما مضى أن العرب توقع الكرم على كل مختار في جنسه (٣).
(يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) قال المفسرون : يأتي بهذا ويذهب بهذا (٤).
ويجوز عندي أن يكون المراد بتقلبهما : تغاير أحوال الخلق فيهما ما بين موت وحياة ، وقبض وبسط ، وعز وذل ، وغير ذلك.
ويدل على صحة هذا التأويل قوله صلىاللهعليهوسلم حاكيا عن ربه عزوجل أنه قال :
__________________
(١) إتحاف فضلاء البشر (ص : ٣٢٥) ، والنشر (٢ / ٣٣٢).
(٢) انظر قراءة طلحة بن مصرف في : القرطبي (١٢ / ٢٩٠).
(٣) في سورة النور عند الآية رقم : ٢٦.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٨ / ٢٦١٩). وذكره الطبري (١٨ / ١٥٤ ـ ١٥٥) ، والواحدي في الوسيط (٣ / ٣٢٤) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٥٣) ، والسيوطي في الدر (٦ / ٢١٢) وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي.