قوله تعالى : (مُذْعِنِينَ) قال الزجاج (١) : الإذعان : الإسراع مع الطاعة.
قال الزمخشري (٢) : " إليه" صلة" يأتوا" ؛ لأن [" أتى" و" جاء" قد جاءا](٣) معدّيين ب" إلى" ، أو يتصل ب" مذعنين" ؛ لأنه في معنى : مسرعين في الطاعة.
وما أوضح الدليل في هذه القصة على اعتصام النبي صلىاللهعليهوسلم بالعدل البحت ، ودورانه مع مرّ الحق ، حيث استوى عنده فيه من يصافيه ومن ينافيه (٤).
(أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) كفر ونفاق (أَمِ ارْتابُوا) فيما جئت به من البيان الواضح ، (أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) في القضاء.
وهذا الاستفهام في معنى التوبيخ مبالغة في ذمهم.
ثم أضرب عن خوف الحيف فقال : (بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) أي : لا يخافون حيفه لعلمهم بعدله في قضائه ، وإنما هم الموصوفون بالظلم المعروفون به ، حيث صدفوا عن أحكامك المضيّة وأقضيتك المرضيّة ، أو هم الظالمون بالكفر والفسق والكذب وجحد الحقوق.
قوله تعالى : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ) قال الفراء (٥) : ليس هذا بخبر ماض ، وإنما المعنى : إنما كان ينبغي أن يكون قول المؤمنين (إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ).
وقرأ الحسن : " قول" بالرفع. والقراءة المشهورة أولى ؛ لأنه إذا ولي كان
__________________
(١) معاني الزجاج (٤ / ٥٠).
(٢) الكشاف (٣ / ٢٥٣).
(٣) في الأصل : أتى وجاءا. والتصويب من ب ، والكشاف ، الموضع السابق.
(٤) في ب : يصافيه وينافيه. قال القرطبي في تفسيره (١٢ / ٢٩٤) : في هذه الآية دليل على وجوب إجاعة الداعي إلى الحاكم.
(٥) معاني الفراء (٢ / ٢٥٨).