رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (١٧) قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (١٩) قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (٢٢)
قوله تعالى : (وَإِذْ نادى رَبُّكَ) أي : واتل عليهم يا محمد قصة (مُوسى) وحديثه مع فرعون والقبط وأقاصيص الأمم السالفة ليعتبروا بذلك.
(أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) يعني : القبط الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي وعبادة فرعون ، وظلموا بني إسرائيل باسترقاقهم واستخدامهم في الأعمال الشاقة ، وسومهم سوء العذاب ، بذبح الأبناء واستحياء النساء.
ثم بين القوم الظالمين فقال : (قَوْمَ فِرْعَوْنَ).
وقوله : (أَلا يَتَّقُونَ) كلام مستأنف خارج مخرج التعجب لموسى من فرط جهلهم وظلمهم ، وكونهم مع ذلك آمنين مطمئنين لا يخافون بطش الله تعالى وانتقامه ، وسنته في أمثالهم من الظلمة والفجرة.
فإن قيل : ما وجه قراءة من قرأ : «يتقون» بكسر النون (١)؟
قلت : الأصل : " يتقونني" ، فحذفت النون لا جتماع النونين والياء اكتفاء بالكسرة ، أو على معنى : يا هؤلاء اتقون ، كقوله تعالى : (أَلَّا يَسْجُدُوا) [النمل : ٢٥] على قراءة الكسائي.
__________________
(١) انظر هذه القراءة في : الدر المصون (٥ / ٢٦٩).