فإن قيل : ما وجه قراءة حماد بن سلمة : «ألا تتقون» بالتاء (١) على المخاطبة؟
قلت : هو على إضمار القول ، تقديره : أرأيت القوم الظالمين ، فقل لهم : ألا تتقون ، وإضمار القول كثير. وقد ذكرناه في مواضع.
أو هو على طريقة الالتفات إليهم بالجبه والتوبيخ ، ونظيره : أن تشكوا جانيا إلى بعض أخصائه ثم تقبل عليه عند احتداد مزاجك وغضبك وأنت في شكايتك [قائلا](٢) : ألا تستحي! ألا تتقي الله!. ذكر الأول أبو الفتح ابن جني (٣) ، والثاني الزمخشري (٤).
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ* وَيَضِيقُ صَدْرِي) بتكذيبهم إياي (وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) للعقدة التي فيه ، فاعتل بثلاث علل : خوف التكذيب ، وضيق صدره ، وحبسة لسانه.
قرأ الأكثرون : " يضيق" و" ينطلق" بالرفع ، عطفا على" أخاف".
وقرأت ليعقوب الحضرمي : " ويضيق" ، " ولا ينطلق" بالنصب فيهما (٥) ، عطفا على" يكذبون".
فإن قيل : على قراءة يعقوب ؛ الخوف يكون لأمر متوقع ، وحبسة اللسان في موسى وصف لا زم له ، فكيف قال : إني أخاف أن لا ينطلق لساني؟
__________________
(١) انظر هذه القراءة في : الدر المصون (٥ / ٢٦٩).
(٢) زيادة من ب.
(٣) المحتسب (٢ / ١٢٧).
(٤) الكشاف (٣ / ٣٠٨).
(٥) النشر (٢ / ٣٣٥) ، والإتحاف (ص : ٣٣١).