وقوله : (إِنَّ رَسُولَكُمُ) تهكّم [من](١) اللعين ، وقد سبق ذكر أمثاله ، فلم يحفل نبي الله موسى بهذيان السفيه ، بل أخذ في تأكيد حجته ف (قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) يريد : مشرق النيّرين والكواكب [ومغربها](٢) ، وخصّهما بالذّكر في جهة الاحتجاج مع دخولهما في عموم الحجة الأولى ؛ لظهور دلالتهما على عظمة الله تعالى [وقدرته](٣).
قال صاحب الكشاف (٤) : لاين أولا بقوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) ، فلما رأى منهم شدة الشكيمة في العناد وقلة الإصغاء إلى عرض الحجج خاشن وعارض : (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) ، بقوله : (إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ).
ثم أخذ المخذول في تهديد موسى بعد انقطاعه وسفههه ف (قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) أي : لأحبسنك مع من حبسته في السجن.
(قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ) أي : ظاهر تعرف به صدقي ، يريد : المعجز الذي أيّد به ، وفيه إضمار ، تقديره : أتفعل بي ذلك.
والواو في «أولو» واو الحال دخلت عليه همزة الاستفهام (٥).
(قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (٣٢) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣) قالَ لِلْمَلَإِ
__________________
(١) في الأصل : في. والتصويب من ب.
(٢) في الأصل : ومغربهما. والتصويب من ب.
(٣) في الأصل : قدرته. والتصويب من ب.
(٤) الكشاف (٣ / ٣١٤).
(٥) انظر : الدر المصون (٥ / ٢٧٢).