[الجنسين](١).
قال الزمخشري (٢) : فإن قلت : ما معنى : (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) وأين عن فرعون وملئه الإيقان؟
قلت : معناه : إن كان يرجى منكم الإيقان الذي يؤدي إليه النظر الصحيح نفعكم هذا الجواب ، وإلا لم ينفع ، أو إن كنتم موقنين بشيء قط ، فهذا أولى ما توقنون به ؛ لظهوره وإنارة دليله.
(قالَ) يعني : فرعون (لِمَنْ حَوْلَهُ) من أشراف قومه ، قيل : كانوا خمسمائة رجل عليهم الأساورة ، وكانت للملوك خاصة (أَلا تَسْتَمِعُونَ) هذه المقالة. قصد الخبيث بذلك إغراءهم بموسى ، وأنه قد جاء بأمر شنيع وقول فظيع تجب المبادرة إلى إنكار مثله ، فلم يعرّج موسى على تلبيسه وتدليسه ، وأخذ في [الإفصاح](٣) بالحجة وإيضاح المحجّة فقال : (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) فعمّ أولا بقوله : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) ، وخصّ ثانيا بذكر أنفسهم وآبائهم ؛ لأن أقرب ما ينظر فيه العاقل نفسه وما نشأ عنه وتولد منه ، مع ما في ذلك من تنبيههم على نعم الله تعالى عليهم وإحسانه إليهم.
فلما [اشتدّت](٤) على اللعين مسالك الجواب أخذ في السفه ف (قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ).
__________________
(١) في الأصل : الجنس. والتصويب من ب.
(٢) الكشاف (٣ / ٣١٤).
(٣) في الأصل : الإصاح. والتصويب من ب.
(٤) في الأصل : استدلت. والتصويب من ب.