قلت : جائز أن يكون بمعنى إذ ، كقوله تعالى : (وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [البقرة : ٢٧٨]. وقيل : هو من الشرط الذي يجيء به المدلّ بأمره المتحقق لصحته ، ونظيره قول القائل لمن يؤخر جعله : إن كنت عملت لك فوفّني حقّي ، وأنشد أبو الفتح ابن جني (١) في معنى هذا :
فإن تقتلونا يوم حرّة واقم |
|
فلسنا على الإسلام أوّل من قتل |
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٥٢) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ (٥٦) فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ) (٥٩)
وما بعده مفسر في طه (٢) إلى قوله : (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) يتبعكم فرعون وجنوده ليحولوا بينكم وبين الخروج من مصر.
(فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) قوما يحشرون الجنود لإدراك بني إسرائيل.
(إِنَّ هؤُلاءِ) محكي بعد قول مضمر ، تقديره : قال إن هؤلاء ، يعني : بني إسرائيل (لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ).
قال المبرد : الشرذمة : القطعة من الناس (٣).
__________________
(١) المحتسب (٢ / ١٢٨). والبيت لعبد الرحمن بن سعيد بن يزيد بن عمرو بن نفيل.
(٢) عند الآية رقم : ٧٧.
(٣) انظر قول المبرد في : الوسيط (٣ / ٣٥٣).