[إما](١) لأن" أنذر" و" ذكّر" متقاربان ، فكأنه قيل : مذكّرون تذكرة ، وإما لأنها حال من الضمير في" منذرون" ، أي : ينذرونهم ذوي تذكرة ، وإما لأنها مفعول له ؛ على معنى : أنهم ينذرون لأجل الموعظة والتذكرة ، أو مرفوعة على أنها خبر مبتدأ محذوف ، بمعنى : هذه ذكرى ، والجملة اعتراضية ، أو صفة بمعنى : منذرون ذوو ذكرى ، أو جعلوا ذكرى لإمعانهم في التذكرة وإطنابهم فيها.
ووجه آخر : وهو أن تكون" ذكرى" متعلقة ب" أهلكنا" مفعولا له. والمعنى : وما أهلكنا من أهل قرية ظالمين إلا بعد ما ألزمناهم الحجة بإرسال المنذرين إليهم ، ليكون إهلاكهم تذكرة وعبرة لغيرهم ، فلا يعصوا مثل عصيانهم ، (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) فنهلك قوما غير ظالمين.
قال (٢) : وهذا الوجه عليه المعوّل.
(وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢) فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٢٢٠)
__________________
(١) في الأصل : وإما. والتصويب من ب ، والكشاف (٣ / ٣٤٣).
(٢) أي : الزمخشري.