المحذوفة المعادلة لأم ما جاء بعد من قوله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ، ودلّ عليها أيضا ما قبل من قوله تعالى : (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ). فأما من خفّف الميم فقال : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ) ، فالمعنى : أمن هو قانت كمن هو بخلاف هذا الوصف؟ ولا وجه للنداء هاهنا ؛ لأن هذا موضع معادلة ، ويدل على المحذوف هاهنا : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ؛ لأن التسوية لا تكون إلا بين شيئين.
(قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (١٠) قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) (١٢)
قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) مفسر في النحل (١).
(وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ) يريد : الجنة.
وقيل : الأرض المعهودة.
فإن أريد الأول كان ترغيبا لهم في العمل المفضي بهم إليها. وإن أريد الثاني كان حضّا لهم على الهجرة.
(إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ) على طاعة الله وعن معصيته ، وعلى تجرّع الغصص واحتمال البلاء أجرهم الذي جعله الله تعالى جزاء لهم على صبرهم (بِغَيْرِ حِسابٍ) أي : لا يحاسبون عليه.
وقيل : بغير مكيال وغير ميزان ، وهو تمثيل للتكثير.
__________________
(١) عند الآية رقم : ٣٠.