قوله تعالى : (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) قال الزمخشري (١) : المعنى : وأمرت بذلك لأجل أن أكون أول المسلمين ، أي : مقدمهم وسابقهم في الدنيا والآخرة. ولك أن تجعل اللام مزيدة ، مثلها في : أردت لأن أفعل. ولا تزاد إلا مع «أن» خاصة دون الاسم الصريح ، والدليل على هذا الوجه مجيئه بغير لام في قوله : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [يونس : ٧٢] ، (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس : ١٠٤] ، و (أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) [الأنعام : ١٤].
وفي معناه أوجه : أن أكون أول من أسلم في زماني ومن قومي ، لأنه أول من خالف دين آبائه وخلع الأصنام وحطمها ، وأن أكون أول الذين دعوتهم إلى الإسلام إسلاما ، وأن أكون أول من دعا نفسه إلى ما دعا إليه غيره ، لأكون مقتدى بي في قولي وفعلي جميعا.
(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١٥) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ)(١٦)
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) معناه : أن الكاملين في الخسران هم الذين خسروا أنفسهم بالمصير إلى النار
__________________
ـ للطبراني وابن عساكر وابن مردويه.
(١) الكشاف (٤ / ١٢٠ ـ ١٢١).