والمقصود من ذلك : تهييج الإنسان على برّ والديه بتذكيره ما عانت من الوهن زمن الحمل ، والمشقة مدة الرضاع.
أخرج الإمام أحمد رضي الله عنه في كتاب الزهد (١) له بإسناده عن كعب بن علقمة : أن موسى عليه الصلاة والسّلام لما خرج هاربا من فرعون قال : رب أوصني ، قال : [أوصيك](٢) أن لا تعدل بي شيئا أبدا إلا اخترتني عليه ، فإني لا أرحم ولا أزكي من لم يكن كذلك ، قال : وبماذا يا رب؟ قال : بأمك ، فإنها حملتك وهنا على وهن ، ثم قال : ثم ما ذا يا رب؟ قال : بأبيك ، قال : ثم ما ذا يا رب؟ قال : أن تحب للناس ما تحب لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لها ، قال : ثم بماذا يا رب؟ قال : ثم إن وليتك شيئا من أمر عبادي فلا تعنّهم (٣) إليك في حوائجهم [فإنك إنما تعنّي روحي ، فإني مبصر ومستمع ومشهد ومستشهد](٤).
(أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) قال ابن عباس : المعنى : أطعني وأطع والديك (٥).
قال سفيان بن عيينة : من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما (٦).
وفي قوله : (إِلَيَّ الْمَصِيرُ) ترغيب في الطاعة طلبا للمثوبة ، وترهيب من الإضاعة هربا من العقوبة.
__________________
(١) الزهد (ص : ٨٧).
(٢) في الأصل : أصيك. والتصويب من الزهد ، الموضع السابق.
(٣) من العناء والمشقة.
(٤) زيادة من الزهد (ص : ٨٧).
(٥) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٤٤٣).
(٦) ذكره القرطبي (١٤ / ٦٥).