وإن أراد حصر موارد الاصول ومجاريها في هذه الأربعة عقلا كما هو محتمل عبارته في رسالة أصل البراءة ، ففيه منع الحصر أيضا في هذه الأربعة ، لأنّ قوله : على الأوّل إمّا أن يكون الشكّ في التكليف أو في المكلّف به ، بقي له وسائط :
منها الشكّ في الأحكام الوضعيّة.
فإن قلت : إنّ المصنّف منكر لها رأسا فلا نقض بها عليه.
قلنا : هي داخلة في مجاري الاستصحاب عند المصنّف (قدسسره) فإنّه يجري الاستصحاب في الأحكام الوضعيّة في الفقه ، لترتيب آثارها الشرعيّة ، فلا يظهر وجه لإخراجها في غير مجرى الاستصحاب. اللهم إلّا أن يقال : إنّه أخطأ في إجراء الاستصحاب في ذلك المقام على مذاقه.
ومنها الشكّ في الأحكام الغير الإلزاميّة ، كالشكّ في استحباب شيء أو كراهته أو إباحته ، إذ المراد بالشكّ في التكليف على ما صرّح به في رسالة أصل البراءة هو الشكّ في الحكم الإلزامي ، وإن أراد بالتكليف هنا مطلق الحكم التكليفي الشّامل للأحكام الخمسة في مقابل الأحكام الوضعيّة ويلزمه تعميم أصالة البراءة من الوجوب في الواجبات المشكوكة ومن الندب في المندوبات المشكوكة وكذا الاحتياط الوجوبي والندبي ، ففيه أنّه يلزم تداخل موارد أصالة البراءة والاحتياط. مثلا لو شكّ في وجوب شيء أو ندبه فإنّه مورد لأصالة البراءة بالنسبة إلى الوجوب ومورد الاحتياط الندبي أيضا ، اللهم إلّا أن يقال : إنّ المنفصلة ليست حقيقيّة حتّى يمنع اجتماع القسمين ، بل مانعة الخلوّ ، وفيه ما لا يخفى.
ومنها الشكّ في كيفيّة التكليف كالشكّ في كون الواجب عينيّا أو كفائيّا تعيينيّا أو تخييريّا نفسيّا أو غيريّا.
ومنها الشكّ في شدّة اهتمام الشارع في بعض التكاليف بالنسبة إلى بعض آخر مثل أنّه نهى عن الصلاة في جلد الميتة وفي جلد غير المأكول اللحم وفي النجس وفي الحرير ، فلو اضطرّ إلى لبس أحد المذكورات وشكّ في أنّ أيّها أهمّ في نظر