الشارع حتّى يراعى جانبه فهذا خارج عن الشكّ في التكليف والمكلّف به جميعا.
ومنها الشكّ في كون شيء معيّن واجبا أو حراما فليس هذا شكّا في التكليف ، لأنّ الإلزام معلوم ، ولا في المكلّف به لكونه معيّنا بالفرض.
فإن قلت : مراده بالشكّ في التكليف هو الشكّ في نوع الإلزام من الوجوب أو الحرمة لا جنسه كمطلق الإلزام ولذا جعل المصنّف في رسالة أصل البراءة الشكّ بين كون أحد الشيئين واجبا والآخر حراما من أقسام الشكّ في التكليف.
قلت : نعم ولكن يرد عليه على هذا إيراد آخر وهو عدم انحصار موارد الشكّ في التكليف في كونها مجرى للبراءة إذ ما مرّ من المثال من الشكّ في كون أحد الشيئين واجبا أو الآخر حراما مورد الاحتياط.
والأولى أن يورد عليه هكذا إنّ المثال المذكور هل يجعل من موارد البراءة لأجل الشكّ في نوع التكليف أو من موارد الاحتياط للشكّ في المكلّف به والثالث يستلزم التناقض.
ومنها الشكّ في التكليف والمكلّف به معا كالمثال المذكور آنفا وكالشكّ في كون أحد الشيئين واجبا فإنّه خارج عن القسمين كما مرّ من ظهور القضيّة المنفصلة في الحقيقيّة لا مانعة الخلو.
ثمّ اعلم أنّ ما ذكرنا من منع كون مورد الأصول عقليّا بالنقض بالموارد المذكورة إنّما يرد على عبارته المذكورة في المتن ، أمّا على ما كتبه في الهامش كما في بعض النسخ من قوله : وبعبارة أخرى ـ إلى آخرها ـ فلا يرد شيء منها لأنّه ردّد بين الإثبات والنفي في جميع الأقسام ، وكذا على ما ذكر في بيان الحصر في رسالة أصل البراءة مع تغاير في البيان لما هنا ، ولعلّه السرّ في إضافة ما في الحاشية على المتن ، مضافا إلى الامور الآتية ، لكن يبقى الكلام في صحّة تعيين مجاري الاصول على ما في الحاشية مطابقا لمذهبه ، وفيه تأمّل. فتأمّل.