استنباط الحكم الشرعي بعد خلو الكتاب والسُّنة من الحكم الصريح في الموضوع أو الحكم المشتبه؟
وأيضا لو كان مقصود الشيخ أبو زهرة بقوله : (وضع علم الأصول) أن الشافعي أوّل من صنف في أُصول الفقه ، فانه أيضاً لا يخلو عن المناقشة إذ ان هشام بن الحكم (شيخ متكلمي الإمامية) ، ويونس بن عبد الرحمن وهما من أصحاب الإمامين الصادق جعفر بن محمد والكاظم موسى بن جعفر عليهماالسلام وتلامذتهما قد ألّفا رسالتين في مباحث الأُصول وهما : (كتاب الألفاظ ومباحثها) و (كتاب اختلاف الحديث) وهما أسبق زماناً من الشافعي ورسالته الشهيرة. وقد تحدث العلامة آية الله السيد حسن الصدر في كتابه (تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام) عن هذين الكتابين أو الرسالتين وعن مؤلفيهما طويلاً وأثبت سبق الشيعة في هذا العلم ، وعَلّق الشيخ أبو زهرة على كلام السيد الصدر بقوله : «إنّ الصدر يقول إنّ الإمامين أمليا ولكنه لم يقل إنهما صنّفا وأنّ الكلام في أسبقية الشافعي إنّما هو في التصنيف وانّ مثل الإمامية في نسبتهم القول في هذه الأصول إلى الإمامين الكبيرين كنسبة الحنفية في أُصولهم أقوالاً لأئمة المذهب الحنفي كقولهم في العام أنّ دلالته قطعية ، وقولهم في الخاصّ انّه لا يخصص العام إلّا إذا كان مستقلاً ومقترناً به في الزمن إلى آخره. فان هذه الآراء أثرت عن الأئمة مطبقة على الفروع ، ولقد سلّم السيد الجليل (أي الصدر) بأنه لم يكن ثمة تصنيف للإمامين الجليلين وانّ ثمة إملاءٌ غير مرتب. فإذا قيل إنهما قد سبقا الشافعي في الفكر؟ فقد قررنا أنّ المناهج كانت مقررة ثابتة لدى المجتهدين من الصحابة والتابعين وجرت على