فإذا ثبت هذه الجملة ، فالعقليّات كلّما لا يعلم منها ضرورة ، و (١) ما يجري مجرى الضّرورة ، فلا بدّ من بيان ، كما لا بدّ فيه من دلالة.
والشّرعيّات بأجمعها تحتاج إلى بيان ، كما تحتاج بأجمعها إلى دلالة.
هذا إذا أردنا بالبيان الدّلالة ، ومتى أردنا بالبيان ما يرجع إلى الخطاب ، والفرق بين ما يحتاج إلى بيان وما لا يحتاج ، فقد قدّمنا القول في ذلك ، وقلنا : إنّ ما يحتاج من ذلك إلى بيان على وجوه :
منها : ما يحتاج في تخصيصه إذا كان عامّا وعلم في الجملة أنّه مخصوص ، فإنّه يحتاج في تعيين ما خصّ به إلى بيان.
ومنها : ما يحتاج إلى بيان النّسخ إذا كان ممّا ينسخ ، لأنّه إذا قيل : «افعلوا كذا إلى وقت ما ينسخ عنكم» فإنّ وقت النّسخ يحتاج إلى بيان.
ومنها : ما يحتاج إلى بيان أوصافه وشروطه إذا كانت له أوصاف وشروط ، كما قلناه في الأسماء الشّرعيّة من الصلاة والزّكاة وغيرها.
وقد يحتاج الفعل أيضا إلى بيان ، كما يحتاج القول إليه إذا لم ينبئ بنفسه عن المراد ، على ما سنبيّنه إن شاء الله تعالى.
فأمّا ما به يبيّن الشّيء فأشياء :
منها : الكتابة ، وذلك نحو ما كتب النبيّ عليه وآله السّلام (٢) إلى عمّاله بالأحكام الّتي بيّنها لهم ولمن بعدهم ، من كتب الصّدقات ، والدّيات ، وغيرها من الأحكام.
ومنها : القول والكلام ، وقد بيّن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الشّريعة أكثرها بذلك.
ومنها : الأفعال ، وذلك نحو ما روي عن النبيّ عليه وآله السّلام (٢) أنّه صلّى
__________________
(١) أو.
(٢) صلىاللهعليهوآله.