فى دار كرامته بخلق سمع وقوة حتى يدرك به كلامه القديم ، فإنه منعه فى هذه الحياة الدنيوية لذيذ المناجاة له بسبب ذنوبه ، مصداقه قوله تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ).
... وحاشاك نسيان أخيك الجالب لك من أسرار كلامه تعالى ما تزيد فيه حلاوته والنظر فيه يزيدك له محبة».
وهكذا يبدأ السيوطى كتابه ، ثم يصل إلى الوجه الخامس والثلاثين ، وهو ألفاظه المشتركة ، فيحتفل بهذا الوجه احتفالا كبيرا ، ويقول (١) :
«وهذا الوجه من أعظم إعجازه ، حيث كانت الكلمة الواحدة تتصرف إلى عشرين وجها ، وأكثر وأقل ، ولا يوجد ذلك فى كلام البشر.
إلى أن يقول (٢) :
وقد من الله عيسى فى جلب بعض ألفاظ فى هذا المعنى ، وكان هو السبب فى هذا المبنى ، فاشدد بكلتا يديك على هذا الكتاب ...
ثم يعود الى التواضع فيقول :
... مع أنى ـ علم الله ـ لست من فرسان هذا الميدان ، ولا ممّن يجول فى هذا الشأن ، لكنى تطفّلت على المتقدمين ، رجاء أن يضمنى جميل الاحتمال معهم ، ويسعنى منه حسن التجاوز ما وسعهم.
ثم يقول ـ بعد أن يذكر أنه استخرجه من الكتب المطولة : وايم الله وأراد لاستغناء له عن النظر فى غيره لكفاه ، مع أنى زدت ـ مع اللفظ
__________________
(١) صفحة : ٥١
(٢) صفحة : ١٥