بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
فى منتصف القرن السابع الهجرى هجم المغول على بغداد حاضرة الملك ، ومثابة العلم والعلماء بقيادة قائدهم هولا كو وقوّضوا صرح الخلافة العباسية ، وأتوا من الفظائع والمنكرات ما لا ينسى : قتلوا الخليفة القائم ، وأعملوا السيف فى الشعب الآمن ، وخرّبوا المدن ، وأحرقوا خزائن الكتب.
وكانت البلاد الإسلامية على حال من الضعف والاضطراب ، ولكن مصر والشام كانتا فى حوزة المماليك ، وهم قد هيّئوا هذه البلاد لتحمّل الزعامة الإسلامية ، ورفع راية الحركة العلمية والأدبية والدينية والسياسية ، فهرع العلماء إليها ، ووجدوا فيها حرما آمنا ، وظلّا وارفا ، وعيشا رغيدا.
وكان الظاهر بيبرس قد مدّ يده إلى الخلافة فداوى جراحها ، وأقالها من عثرتها ، ودعا الوارث من بنى العباس فبايعه ، ونادى فى المساجد باسمه ؛ ومن ذلك الحين أصبحت القاهرة قبلة الإسلام ومثابة لمسلمين.
ورأى المماليك أنه لا شىء يقربهم إلى الشعب ، ويوطّد سلطانهم إلا أن يعظّموا الدين وأهله ، ويرفعوا من قدر العلم والعلماء ، فأسّسوا المدارس ، وشجعوا العلماء ، فهرع إليها الألوف من الطلاب ، ينهون العلم من أصفى؟ موارده؟ ، فكانت المدرسة الصالحية ، والصلاحية ، والمؤيدية ، والظاهرية ، والناصرية ، والكاملية ، وغيرها.