إنّ سألنى العاصى غفرت له ، وإن سألنى المحسن أعطيته سؤله.
فهنيئا لكم أيتها الأمة المحمدية ، نسبكم إلى آدم فى قوله : يا بنى آدم. وبالشريعة إلى نوح فى قوله (١) : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً). وبالملّة إلى إبراهيم. وبالأمة إلى محمد صلىاللهعليهوسلم ، وبالعبوديّة إلى نفسه ، والحكمة فيه حتى يشفع آدم فيكم ، فيقول : يا ربّ ، هم أولادى ، ويقول نوح : أهل شريعتى. ويقول إبراهيم : أهل ملّتى. ويقول محمد : أمّتى. ويقول الله : عبادى وخواصّى ؛ فالذى نسبك إليه أترى أنه يريد معاقبتك. وقد قال لنوح لمّا أراد عقوبة ولده : إنه ليس من أهلك. أو الرسول الذى بعث إليك يريد تعذيب أمته ، وهو لم ينسهم فى الأربعة مقامات : مقام التحية لمولاه فى قوله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. ومقام الشكر فى قوله : والمؤمنون كلّ آمن بالله وملائكته. ومقام الحاجة سأل من الله عشر حاجات ، فأعطاه ما سأل قوله تعالى (٢) : (غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ...) إلى آخر السورة. ومقام الشفاعة : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى).
أفترى أنه يرضى بقاء أمته فى النار وهو فى الجنة ؛ ولذلك يقول له جبريل : أنت منعّم ، وأمّتك فى النار ، فيستأذن فى الشفاعة فيهم فى حديث طويل.
وقد عاتبه الله يوم بدر لما كان فى العريش وأصحابه فى الشمس ، فقال : يا محمد ، أنت فى الظل وأصحابك فى الشمس ؛ أهكذا هى الصحبة! فسبحان اللطيف بعباده وخصوصا بهذه الأمة.
وفى الحديث : أن جميع الأنبياء قالوا ربّنا ، كما قال آدم : ربّنا ظلمنا أنفسنا.
__________________
(١) الشورى : ١٣
(٢) البقرة : ٢٨٥