بالمغفرة : إنه كان غفّارا. وأجاب المتضرّعين بقوله (١) : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ).
فإن قلت : قد رأينا من يدعو ولا يستجيب له.
والجواب إذا وقع الدعاء من المضطرّ حصل جوابه على كل حال. ومن وفّق للدعاء لم يحرم الإجابة. ومن وفّق للتوبة لم يحرم القبول. ومن وفّق للشكر لم يحرم المزيد. ومن وفق للصبر لم يحرم الجزاء. ومن وفق للتوكّل لم يحرم الكفاية. ومن وفق للعمل الصالح لم يحرم المودة عند الله وعند خلقه. ومصداق هذا كله قوله تعالى (٢) : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ). وهو الذى يقبل التوبة عن عباده. لئن شكرتم لأزيدنّكم. وجزاهم بما صبروا. ومن يتوكّل على الله فهو حسبه. ((٣) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا).
فإن قلت : بيّن لنا الاضطرار وشروط الدعاء.
فالجواب : إنّ الاضطرار ألّا تبقى فيك علاقة مع غيره سبحانه ، وإن أخلصت له فى الدعاء وتضرعت ، ورجوت وخفت ، واستغثت به ، فلا بد من إجابتك إمّا عاجلا فتبلغ سؤلك أو يكفّر لك به من ذنوبك ، أو يؤخّر لك لمصلحتك ، أو يرفع درجتك ، ولعلّه يعطيك سؤلك فتغفل عنه ، وهو يحبّ الملحّين فى الدعاء. ألا تسمعه سبحانه يقول لبعض الداعين : اعطوه سؤله ؛ فإنى أكره صوته ، فإجابة الدعاء فى الوقت الذى يريد ، لا فى الوقت الذى تريد ؛ ورحم الله القائل :
__________________
(١) التحريم : ٨
(٢) النمل : ٦٢
(٣) مريم : ٩٦