أوّلاً : الاهتمام بذكر الحكم الشرعي وآراء المذاهب ثمّ الاستدلال من مذهبنا على الرأي الذي يعتمده المصنّف ، وفي ذلك يقول في المسألة الخامسةوالخمسين :
«ومن لم يجد ماءً ولا تراباً نظيفاً وجب عليه أن يصلّي بغير طهارة ، فإن وجد الماء أو التراب بعد مُضي وقتها فلا إعادة عليه. وليس لأصحابنا في هذه المسألة نصٌّ صريح ، ويقوى في نفسي أنّه إذا لم يجد ماءً ولا تراباً نظيفاًفإنّ الصّلاة لا تجب عليه ، وإذا تمكّن من الماء أو التراب النظيف قضى الصّلاة وإن كان الوقت قد خرج ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وفي بعض الروايات عن محمّد ، وفي رواية أُخرى عنه أنّه يُصلّي ويُعيد. وقال الشافعي وأبو يوسف : يُصلّي بغير طهارة ثمّ يقضي.
الدليل على صحّة ما اخترناه قوله تعالى : (لاَ تَقْرَبُوا الصّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتّى تَعْلَمُوا مَا تَقُوْلُوْنَ وَلاَ جُنُباً وَلاَ عَابِرِي سَبِيْل حَتّى تَغْتَسِلُوا)(١) ، فمنع من فعل الصّلاة مع الجنابة إلاّ بعد الاغتسال. وأيضاً قوله عليهالسلام : (لا يقبل الله صلاةً بغير طهور)(٢) ، والطهور هو الماء عند وجوده
والتراب عند فقده ، وقد عدمهما جميعاً ، فوجب أن لا تكون له صلاة.
وليس للمخالف أن يتعلّق بقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدِلُوْكِ الشَّمْسِ)(٣) وقوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ)(٤) ، لأنّه تعالى إنّما أمرنا بإقامة الصّلاة ، وهذه ليست بصلاة ، لأنّها بغير طهارة ولا يتناولها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة النساء ٤ : ٤٣.
(٢) صحيح مسلم١ / ٢٠٤ ، ٢٢٤.
(٣) سورة الإسراء ١٧ : ٧٨.
(٤) سورة هود ١١ : ١١٤.