أذكر فيه خلاف الأعيان من فقهائنا ومعتمد الفضلاء من علمائنا ، وألحقُ بكلِّ مسألة من الفروع ما يمكن إثباته بالحجّة وسياقته إلى المحجّة ، فقطعت الحوادث عن ذلك القصد ومنعت الكوارب ورود ذلك الورد ، حتّى اتّفق لنا اختصار كتاب الشرائع بالمختصر النافع ، فدُقّ كثير من معانيه لشدّة اختصاره واشتبهت مقاصده لبعد أغواره ، فحرّكني ذلك لشرح مشتمل على تحرير مسائله وتقرير دلائله»(١).
نماذج من منهجه :
ونذكر فيما يلي نموذجين من كتابته :
النموذج الأوّل : فاقد العلم باتّجاه القبلة : قال المصنِّف :
«مسألة : فاقد العلم يجتهد ، فإن غلب على ظنِّه جهة القبلة لإمارة بنى عليه ، وهو اتّفاق أهل العلم ، ويؤيّده ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : (يجزي التحرّي أبداً إذا لم يعلم أين وجه القبلة) ، ولو لم تحصل الأمارات واشتبهت الجهات صلّى الصّلاة الواجبة إلى أربع جهات ، وهو مذهب علمائنا.
وقال أبو حنيفة وأحمد : يصلّي ما بين المشرق والمغرب ، ويتحرّى الوسط ثمّ لا يعيد لقوله عليهالسلام : (ما بين المشرق والمغرب قبلة) ، وهذا حقّ إن تبيّن له المشرق والمغرب ، ويؤيّده ما روى معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قلت : الرجل يقوم في الصّلاة ثمّ ينظر بعدما فرغ فيرى أنّه قد انحرف عن القبلة يميناً وشمالاً؟ قال : قد مضت صلاته ، وما بين المشرق والمغرب قبلة) ، لكن بتقدير أن تخفى عليه الجهات كانّ القول ما قلناه ، لأنّ الاستقبال بالصّلاة واجب ما أمكن ، ولا يتحصّل الاستقبال إلاّ كذلك ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) المعتبر ١ / ١٩ ـ ٢٠.