وثانيها : صنعة ردّ العجز على الصّدر(١) ، إذ صدر الفقرات (فَكَيْفَ يَبْقى في العَذابِ) والعجز (تركه في العذاب) ، وردّ العجز على الصّدر من المحسّنات الّلفظيّة(٢) ، كقول الشاعر :
سَريعٌ إلى ابْنِ العمِّ يَلْطم وَجْهَهُ |
|
وَليسَ إلى داعِ النَّدى بسرِيعِ(٣) |
وليس ذلك مختصّاً بالشعر ، ولا يختصّ أيضاً بردّ اللفظ الخاصّ إلى الصدر ، بل يحصل باتّحاد معنى العجز والصدر ، فتأمّل جدّاً.
وثالثها : إنّه قدّم رجاء الفضل / ٦/ من باب سبقة الرحمة على صفة الغضب ، كما ورد أنّه سبقت رحمته غضبه(٤) ، بل ذلك مذكور في هذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) ردّ العجز على الصدر يقع في الشعر والنثر ، ويكون في النثر بجعل أحد اللفظين المكرّرين أو المتجانسين أو الملحقين بهما في أوّل الفقرة واللفظ الآخر في آخر الفقرة ، نحوقوله تعالى : (وَتَخْشى النّاسَ واللهُ أحقُّ أنْ تَخْشاهُ) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٧.
ويكون في النظم بجعل أحد اللفظين المكرّرين أو المتجانسين أو الملحقين بهما في آخر البيت واللفظ الآخر في صدر المصراع الأوّل أو في آخره أو في صدر المصراع الثاني ، شرح التلخيص في علوم البلاغة : ١٨٧ ـ ١٨٨. وينظر مفتاح العلوم : ٢٠٠.
(٢) المحسّنات اللفظية المقصود بها تحسين الكلام باللفظ دون المعنى ، وكان السكّاكي في كتابه مفتاح العلوم أوّل من قسّم البديع إلى محسّنات لفظية ومحسّنات معنويّة ، وقدجعل ردّ العجز على الصدر أحد المحسّنات اللفظيّة ، ينظر مفتاح العلوم : ٢٠٠.
(٣) قائله الأقيشر ، وهو المغيرة بن عبد الله بن معرض الأسدي ، ينظر : تفسير البحر المحيط ٧/٦٣ ، مختصر المعاني : ٢٩٢ ، خزانة الأدب ٤ / ٤٤٤.
(٤) ورد في دعاء الجوشن الكبير قوله : «يا مَنْ سَبَقتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ» مصباح الكفعمي : ٢٥٠ ؛ كما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «ما خلق الله من شيء إلاّ وقد خلق له ما يغلبه ، وخلق رحمته تغلب غضبه» ، المصنَّف لعبد