الدعاء أيضاً ، ألا ترى أنّ أبواب الجنان ثمانية وأبواب النيران سبعة ، وآيات الرحمة أكثرمن آيات الغضب(١) ، وقد شهد بذلك ما في صدر الدعاء المذكور : (اللَّهُمَّ إنِّي أسْألك بِرَحْمتِكَ التي وَسعَتْ كُلَّ شيء) ، فتأمّل.
ورابعها : إنّ تقديم فعل العبد(٢) في الفقرات السابقة للإشارة إلى أنّ الاستحقاق من جانب العبد ، وتأخير قول الله المعبّر عنه بقوله : (فَتَتْركُهُ فيها) للإشارة إلى أنّ أفعال العبد بإقدار الله تعالى إيّاه عليها ، كما قال تعالى :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرزاق ٢ / ٣٥٥ ، تفسير القرآن لعبدالرزّاق أيضاً ٢ / ٣٥٥ ، المستدرك على الصحيحين ٤ / ٢٤٩.
(١) قال تعالى : (وإنّ جَهَنّم لمَوْعِدُهمْ أجْمَعين لها سَبْعة أبواب لكلّ باب مِنْهم جزْء مَقْسُومٌ) سورة الحجر ١٥ : ٤٤ ، وفي رواية عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «الجنّة لها ثمانية أبواب فمن أراد الدخول في هذه الأبواب الثمانية فليمسك بأربعة خصال ، وهي : الصدقة ، والسخاء ، وحسن الخلق ، وكفّ الأذى عن عباد الله» ، الفضائل لشاذان بن جبرائيل القمّي : ١٥٤.
وأيضاً ما ورد عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام : «إنّ للجنّة ثمانية أبواب : باب يدخل منه النبيّون والصدّيقون ، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون ، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّونا ... وباب يدخل منه سائر المسلمين ممّن شهد أن لا إله إلاّالله ولم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت» ، الخصال : ٤٠٨ ح٦ ، بحار الأنوار ٨/ ٣٩ ح ١٩ و ٣١ / ٦٥٧ ح ٢٠٦ و ٦٩ / ١٥٩ ح٥.
(٢) التقديم من قدّم أي وضعه أمام غيره ، والتأخير نقيض ذلك ، لسان العرب مادّة (قدّم ، وأخّر).
قال الزركشي : إنّ التقديم والتأخير هو أحد أساليب البلاغة ، أتوا به دلالة على تمكّنهم في الفصاحة وملكتهم في الكلام وانقياده لهم ، وله في القلوب أحسن موقع وأعذب مذاق ، البرهان في علوم القرآن ٣ / ٢٣٣. وينظر معجم المصطلحات البلاغية وتطوّرها ٢/٣٢٥ ؛ إذ التقديم والتأخير يرجع إلى فنّية الأديب ، وهذه الفنّية المشابكة مع حسّه الشعوري واللاشعوري هي التي تتدخّل في التركيب اللغوي للعبارة ... وعلينا أن نستنتج ذلك من السياق العامّ ، في البلاغة العربية : ٨١.