(ما أصابكَ مِنْ سيّئة فَمِن نَفْسِكَ)(١) أي مباشرة ، وقال تعالى : (قُلْ كلٌّ مِنْ عِنْدِالله)(٢) أي أو إقداراً ، فتدبّر جدّاً.
ومن التعمّق في ذلك الوجه يظهر سرّ مسألة الجبر والتفويض وتحقيق قوله عليه السلام : «لا جبر ولا تفويض بل هو/ ٧/ أمر بين الأمرين»(٣).
الثاني : قوله عليه السلام : (فَتتركُهُ) الفاء فيه للعطف على المعطوف المحذوف وتقديره هكذا : (وتدخله فيها فتتركه ...) ، فالفاء للتفريع ويدلّ على الخلود إن كان المراد بالنار نار الآخرة.
الثالث : اعلم أنّ التعبير بالفضل للإشارة إلى أنّ معاملة الله مع العباد بالفضل لا العدل ، كما ورد في قوله عليه السلام في دعاء القنوت(٤) : ربِّ عامِلْنابِفَضْلكَ ولا تُعامِلْنا بعدْلك يا كَريمُ(٥).
الرابع : وجّه بعض تلك الفقرة بأنّ الترك في العذاب سبب لعدم الرجاء ، وأمّا لو قيل : (أم كيف تتركه فيها فيرجو ... إلخ) صار الرجاء علّة وسبباًللترك مع أنّ الأمر بالعكس فلذلك قدّم قوله : (يرجو) وفيه :
أوّلاً : إنّ جعل الفاء للسببية من المعاني المجازيّة / ٨/ والقرينة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة النساء ٤ : ٧٩.
(٢) سورة النساء ٤ : ٧٨.
(٣) الكافي : ١٦٠ح ١٣ ، الهداية للصدوق : ١٨ ، التوحيد : ٢٠٦ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ /١١٤ح ١٧ ، الاعتقادات : ٢٩ ، روضة الواعظين : ٣٨ ، شرح اللمعة ١٠ / ٦٢ ، بحار الأنوار ٥/١٢ ح ١٨ و ٦٨ / ١٢٧ ح ٣.
(٤) القنوت في اللغة الطاعة والخضوع ، وعند الفقهاء الدعاء والثناء على الله تعالى في موضع خاصّ من الصلاة ، وهو مستحبّ في الفرائض والنوافل ، الفتاوى الواضحة : ٤١٣.
(٥) ينظر : شرح أصول الكافي ١٠ / ٢١٤ ، نور البراهين ١ / ٣٩.