دليل لأبطال كلا من الدّعوتين ولا يمكن ان يقال انّ ذلك منه مماشاة للخصم والّا فلا يسلّم كونه جزئيّا خارجيا ابدا لأنّ من الظّاهر الواضح كون المستعمل فيه في قولك اكون في مكانى هذا خاص بحيث لا يمكن الإنكار.
الثالث : قوله حيث لا يكاد يكون المعنى حرفيّا اه ظاهره تسليم ان المعنى الحرفي لا بدّ ان يكون كذلك فيورد عليه بانّه لو سلّمت انّ المعنى الحرفي لا بدّ ان يكون لوحظ المفهوم بما هو حالة لمعنى آخر ومن خصوصيّاته القائمة به ويكون حاله كحال العرض فكيف تمنع ذلك في مقام الوضع والموضوع له وتقول بانّ معنييهما واحد وإن كان الأمر كذلك بحسب الوضع والموضوع له فليس الحرف معنى مقابلا للاسم وانّه ما دلّ على معنى في غيره اذ ما دلّ الّذى هو مصداق الحرف ليس الّا ما دلّ على معنى في نفسه والحاصل اختلاف المعنى الحرفي والاسمي انّما يجيء من قبل اختلاف مدلوليهما فلو كان اختلافهما بما هما مسلّما فلا بدّ لك من تسليم اختلافهما في الموضوع له وان قلت باتّحادهما فلا بد من ان تمنع الحرفي بما ذكروه في تعاريفهم فتدبّر حتّى لا يختلط عليك بما سيجيء من المص ره.
الرّابع : انّ جزئيّة المعنى في الذّهن إن كان بلحاظ وجوده في الذّهن فيكون المعنى بلحاظ وجوده الخاص في الذّهن جزئيّات اذ كلّ موجود جزئى سواء في الذهن او الخارج فيكون تعليله ح بقوله حيث انّه لا يكاد يكون المعنى حرفيّا الّا اذا لوحظ حالة لمعنى آخر الخ بلا وجه اذ لا دخل لذلك في الجزئيّة الحاصلة من نفس وجوده في الذهن وإن كان جزئيّة المعنى لا بهذه الملاحظة بل بلحاظ ملاحظته حالا لمعنى آخر ومن خصوصيّاته القائمة به فذات الملحوظ المقيّد لا يخرج عن الكليّة بزيادة القيد فضمّ القيد الى المفهوم الكلّى يصير كليّا اخصّ لا جزئيّا ولو كان ذلك التّقييد بوجود شيء آخر ذهنا او خارجا كما انّ تقييد غلام بوجود زيد لا ينافى كليّته وكذلك ابتلاء الخاص المقيّد بوجود السّير كما لا يخفى.
الخامس : قوله الّا انّ هذا اللّحاظ لا يكاد يكون ماخوذا في المستعمل فيه والّا فلا بدّ من لحاظ آخر متعلّق بما هو ملحوظ بهذا اللّحاظ الخ اورد عليه اوّلا انّ مجرّد تحقّق اللّحاظ الألى الموجب لتحقّق ذات المستعمل فيه كاف لصحّة الاستعمال وهذا يكفي في كون الاستعمال داخلا تحت القدرة ومعدودا من الأفعال الاختياريّة لأنّ الفعل الاختياري وإن كان يحتاج في تحقّقه الى تصوّر متعلّقه الّا انّ المراد منه حضوره عند الذّهن وهذا المعنى يتحقّق بتحقّق ذات المستعمل فيه وتوهّم انّ اللّحاظ الموجب لصيرورة الفعل اختياريّا (١) لأن اللّحاظ الألى فانّه في الملحوظ ومندك تحته مدفوع بان المستعمل فيه لما لم يكن سوى المعنى الألى الفاني في الغير لم يحتج صيرورته اختياريّا الى زيادة تصوّره على حسب نحو وجوده وفناء اللّحاظ وآليّته لا يضرّ بما نحتاج اليه من الحضور عند الذهن الّذى هو مقدّمة لاختياريّة الفعل وبعبارة اخرى المعتبر صيرورة الاستعمال في المعنى الألى اختياريّا وكونه كذلك لا يحتاج الى ازيد من لحاظ المعنى كذلك كما لا يخفى وثانيا
__________________
(١) يجب ان يكون لحاظا استقلاليّا وهذا اللحاظ التّبعى المحقّق بعنوان المستعمل فيه وان قلنا بأنّه كاف في تحقّق نفسه الّا انّه تبعىّ ومجرّده غير كاف في صيرورة الفعل اختياريّا