وامّا ما يعرض للشّيء بواسطة فى العروض مطلقا ويعبّر عنه بالعرض الغريب كالسّرعة والشّدّة اللاحقتين للجسم بواسطة الحركة والبياض فلا يبحث عنه فى علم يكون موضوعة ذلك الشّيء بل فى علم يكون موضوعه ذلك العرض لأن تلك الصّفات فى الحقيقة انّما تكون لاحقة له وان لحقت غيره بواسطة نعم قد يكون موضوع العلم عبارة عن عدّة امور نزّلت منزلة امر واحد لما بينهما من الارتباط والمناسبة من حيث الغاية كموضوع هذا العلم فى وجه فيبحث عن كلّ بحسب ما يعرض له بدون واسطة فى العروض وان عرض للآخر بالواسطة او لم يعرض له اصلا اذ ليس البحث عنه فيه بهذا الاعتبار هذا ما يساعد عليه النّظر الصّحيح قد اشتهر انّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات وتمايز الموضوعات بتمايز الحيثيات والتّحقيق ان تمايز العلوم امّا يتمايز الموضوعات كتمايز علم النّحو عن علم المنطق وتمايزهما عن علم الفقه او بتمايز حيثيات البحث كتمايز علم النّحو عن علم الصّرف وتمايزهما عن علم المعانى فان هذه العلوم وان اشتركت فى كونها باحثة عن احوال اللفظ العربى الا انّ البحث فى الاوّل من حيث الأعراب والبناء وفى الثّانى من حيث الأنبية وفى الثّالث من حيث الفصاحة والبلاغة فهم وان اصابوا فى اعتبار الحيثيّة للتّمايز بين العلوم لكنّهم أخطئوا فى اخذها قيدا للموضوع والصّواب اخذها قيدا للبحث وهى عند التحقيق عنوان اجمالى للمسائل التى تقرر فى العلم اذا تقرّر هذا فنقول لمّا كان البحث فى هذا العلم عن الأدلّة الأربعة اعنى الكتاب والسّنّة والإجماع والعقل وعن الاجتهاد وعن التّعادل والتّراجيح من حيث استنباط الأحكام الشّرعية منها نظر بعضهم الى ظاهر ذلك فجعل موضوعه هذه الأمور الثّلاثة وبعضهم ادرج الثّالث فى الأوّل نظرا الى انّ البحث عن التّعادل والتّراجيح راجع فى الحقيقة الى البحث عن دلالة الأدلّة وتعيين ما هو الحجّة منها عند التّعارض وذهب بعض المحقّقين الى انّ موضوعه الأدلّة الأربعة وان ساير المباحث راجعة الى بيان احوالها وذلك لأنّ البحث عن الأدلّة امّا من حيث دلالتها فى نفسها وهو الأمر الأوّل او من حيث دلالتها باعتبار التّعارض وهو الأمر الثّالث او من حيث الاستنباط وهو الأمر الثّانى وهذا اولى بالضّبط الا ان ارجاع مباحث الاجتهاد الى بيان احوال الأدلّة لا يخلو من تعسّف وامّا التّقليد فمباحثه خارجة عن مباحث الفن وان التزموا بذكرها استطرادا كما مرّ ولو جعلنا ذكرها فيه بالأصالة امكن ادراجه فى الاجتهاد على التّغليب فان قلت اكثر مباحث الفنّ باحثة عن احوال غير الأدلّة كمباحث الامر والنّهى والعامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد وكالمباحث الّتى يبحث فيها عن حجّية الكتاب وخبر الواحد وكالمباحث الّتى يبحث فيها عن عدم حجّية القياس والاستحسان امّا القسم الأوّل فلانّ مباحثها عامّة كعموم مباحث النّحو والصّرف واللّغة ولا اختصاص لها بالأدلّة وامّا القسم الثّانى فلان البحث فيها ليس عن الأدلّة اذ كونها ادلّة انما تعرف بتلك المباحث وامّا القسم الثّالث فلان البحث فيها ليس عن الدّليل بل عمّا ليس بدليل قلت امّا المباحث الاول فانما يبحث عنها باعتبار وقوعها فى الكتاب والسّنة فعند