الكلمة المجرّدة عن الاستعمال فانّها لا تسمّى حقيقة كما لا تسمّى مجازا وبقولنا فى ما وضعت له خرجت الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له وبقيد الحيثية خرج مثل لفظ الصّلاة اذا استعملها المتشرّع فى الدّعاء او اللّغوى فى الأركان والمجاز هى الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له لعلاقة فخرج بقيد الاستعمال ما مرّ وبقولنا فى غير ما وضعت له الكلمة المستعملة فى ما وضعت له واللّفظ المستعمل الغير الموضوع وان استعمل فى مثله وبقولنا لعلاقة يخرج الكلام الغلط وان اشتمل على علاقة لان المراد بها العلاقة المعتبرة.
فصل
الوضع تعيين اللّفظ للدلالة على المعنى بنفسه فالتّعيين جنس يشمل جميع التعيينيات والمراد به هنا ما يتناول التّعيين عن قصد كما فى المرتجل ويسمّى هذا النّوع من الوضع بالوضع التعيينى والتّعيين من غير قصد كما فى المنقولات بالغلبة ويسمّى هذا النّوع من الوضع بالوضع التّعيّنى وخرج بتقييده باللّفظ تعيين غيره ولو للدّلالة كالخطوط والنّصب فانه ليس بالوضع المصطلح عليه اصلا والمراد به ما يتناول الحرف الواحد والهيئة كالحركة والسّكون ولو بالتّوسع فى لفظه وخرج بقولنا للدّلالة على معنى تعيين اللّفظ للتّركيب كما فى الحروف الهجائية فى وجه والظّاهر من كون التّعيين للدّلالة اعنى الدّلالة حال الاستعمال كونه بلا واسطة وحينئذ فيخرج التّعيين الاستعمال والتّعيين للوضع ايضا وقولنا بنفسه احتراز عن المجاز فان فيه تعيينا للدّلالة على المعنى لكن لا بنفسه بل بواسطة القرينة ثمّ الواضع ان لاحظ فى وضعه امرا جزئيا حقيقيا كان الموضوع له حينئذ معنى جزئيا لا محالة فيكون الوضع خاصا والمعنى خاصا كما فى الأعلام الشّخصيّة ومنهم من اجاز ان يكون الموضوع له حينئذ عاما كما لو شاهدنا حيوانا فتوصّلنا به الى وضع اللّفظ بازاء نوعه وفيه ان الملحوظ فى الوضع حينئذ انّما هو الكلّى المنتزع من الجزئى دون نفس الجزئى والوضع ايضا بازائه فيكون من القسم الآتي وان لاحظ امرا كلّيّا فالوضع عام وحينئذ فان وضع اللّفظ بازائه من غير اعتبار خصوصيّة غير معيّنة نوعيّة او شخصيّة معه شطرا او شرطا فالموضوع له عام كما فى اسماء الأجناس وانّ وضعه بازائه مع اعتبارها فالموضوع له خاصّ لكونه من جزئياته الحقيقيّة او الإضافيّة كما فى اعلام الأجناس بناء على انها موضوعة للأجناس من حيث تعيّناتها الذّهنيّة وكما فى الحروف واسماء الإشارة والضّمائر والموصولات وغيرها ممّا يتضمّن معانى الحروف فان التحقيق ان الواضع لاحظ فى وضعها معاينها الكلّية ووضعها بازائها باعتبار كونها آلة ومرآة لملاحظة حال متعلّقاتها الخاصّة فلاحظ فى وضع من مثلا مفهوم الابتداء المطلق ووضعها بازائه باعتبار كونه آلة ومرآة لملاحظة حال متعلّقاتها الخاصّة من السير والبصرة مثلا فيكون مداليلها خاصّة لا محالة وكذلك لاحظ فى وضع اسماء الإشارة مفهوم المشار اليه ووضعها بازاء ذاته بضميمة الإشارة الخارجة المأخوذة آلة ومرآة لتصرف حال الذّات فيكون معاينها جزئيّات لا محالة لوضوح ان الماهية اذا اخذت مع تشخص لا حق لها كانت جزئية هذا على ما هو المختار وفاقا لجماعة من المحقّقين لأن