أيّ جرْد هم يرْقعون وفي أيّ إناء هم يغْمسون ، ولكنّها لقْمة هم أوّل الغاصّين بها وأكثرهم عرْضة للنقْد فيها.
أقْلام مأجورة وآراء مبْهورة ، يحمل يراعهم كلمة تمجّها الأنْفس ، ويلْفظها كلّ عقْل سليم ، ويرْغب عنها كلّ ذي فكر ، ويكْشح عنها كلّ ذي عقْل ، مزوّقة ألْفاظهم ، منمّقة كلماتهم ، يحرّفون الكلم عن مواضعه ، ويدسّون السّمّ في العسل ، ويأمرون بالمنْكر وينْهوْن عن المعْروف ، وإذا سألهم السائل فإنّهم يحْسبون أنّهم يحْسنون صنْعاً ، يدورون في حلقة مفْرغة من الكلمات والمصْطلحات المبْتدعة ، يناصرهم همج رعاع ينْعقون مع كلّ ناعق.
وبلغ بهم الانْحطاط مبْلغاً ، وساعدهم على ذلك قدْسية ما يعْرف اليوم بحرّية التعْبير عن الرأي في هذا الزمن الرديء ، وهم يخاطبون اللاشعور الجمْعي والوجْدان العاطفي للبؤساء المنْضوين تحت ظاهرة التمرّد الفكْري والثقافي التي أخذت تسود مجْتمعاتنا الإسلامية متطفّلة على قيمنا والموروث الثقافي لمجْتمعاتنا ، وأصبحوا يسمّون كلّ موروث بـ : «الثقافة العتيقة» ، و «أساطير الأوّلين» ، وينْعتون أصْحاب الكلمة الطيّبةوالعقول المفكّرة بـ : ذوي «العقْل الرجوعي» و «الذهْنيّة الرجوعيّة»! وأتْعس منْهم وبالاًأولئك المتطفّلين على الفكْر الإسلامي الذين يدّعون أنّها تجلّيات للثقافة الإسلامية المنْفتحة.
وممّا زاد في الطين بلّة أدْلجة الخطاب الديني تمرّداً على الواقع المريرالذي يعيشه المسْلمون ، فكلّ يوم نسمع عن مسْرحية جديدة لشخصية هزليّة وهزيلة فكريّاً تسمّي نفسها : داعية إسلامية ، تفتح لها الأبواب على مصْراعيْها وفي جميع وسائل الإعلام ليتكلّم في المسموح والممنوع وينال من الموْروث والمقدّس ، ويدّعي أنّه حامل يراعه للدفاع