الثالث : إنّ سيرة العلماء مستمرّة على شربه وكلّما استمرّت عليه فهو جائز :
وجوابه : إنّ السيرة إجماع عملي يعمّها من النزاع ما عمّ الإجماع ، مع أنّها حجّة بشروط ثلاثة كلّها مفقودة في المقام :
أوّلها : حصول الاتّفاق من الكلّ في العمل في زمان ، وذلك بعد مخالفة من ذكرناه كيف يحصل؟ مع أنّك لو سرت مشرق الأرض ومغربها لوجدت الكثرة فيمن لا يشربها(١).
ثانيها : استمرار ذلك العمل إلى زمان المعصوم عليهالسلام بحيث تكون كاشفة عن قوله أو فعله أو تقريره ، وذلك في المقام ممنوع قطعاً ؛ فإنّ موضوع المسألة مستحدث كما مرّ وسيأتي.
وثالثها : ظهور وجه العمل ، إذ ليس بأقوى من نفس عمل الحجّة ، وهو مالم يظهر وجهه ليس بحجّة ، وكيف نستظهر وجهها مع احتمال اضطرار العلماء إلى شربه ولو بعد الاعتياد به ، ويؤيّد ذلك أنّا نراهم كلّما
__________________
(١) الظاهر بناء على دعوى المصنّف في الإجماع من دخول أهل الحلّ والعقد ، وأنّ الأمّة لاتجتمع على ضلال ، وإلاّ فما قيمة عمل عامّة الناس أو تركهم ، مع ما ترى من تسامحهم وتهاونهم في الكثير من الأحكام الشرعية ، وعليه نرى كثيراً من المباحات بل ربّما المستحبّات يعافها الناس ويتجنّبُونَها لأذواقهم النفسية أو الاجتماعية ، وهل نرفع حكم الاستحباب عنه لإعراض أكثر الناس عنه ككحل العينين للرجال والتعمّم وغيرذلك ، فتأمّل وافهم.