الموضوعات فقط ، لا في الأحكام ، ولا أظنّ أحداً يرجع إلى مثل ذلك ، حتّى القائل بحجّية الظنّ المطلق مع أنّه ليس بحجّة ولا يغني عن الحقّ.
وثانيا : إنّ تلك الآية(١) لا تدلّ على المطلوب أصلاً ، بل فيها إشعار بخلافه كما لا يخفى(٢) ، ومن استدلّ بأمثال هذه الآيات على أمثال هذه المقالات فقد فسّر القرآن برأيه ، فليتبوّأ مقعده من النار(٣).
وثالثا : إنّ أمثال هذه الأمور مستندة إلى الاتّفاق(٤) ، ولذلك تراه يقع للكلّ في الكلّ ، بل لا يبعد أن يكون خلاف ذلك أكثر وأظهر كما هو الأشهر.
فقد نقل أنّه تفأل بعضهم للشرب فجاء قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (٥).
وتفأل آخر ، فجاء قوله تعالى : (أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوإِلَى الْجَنَّةِ) (٦).
وتفأل بعض الأحبّة لشربه ، فجاء قوله تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ
__________________
(١) قوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا).
(٢) وذلك لعدم صدق الأكل والشرب لغة وعرفاً واصطلاحاً على شرب الدخان ، وإطلاق لفظ الشرب عليه من باب المسامحة أو المشابهة مع شرب الماء.
(٣) أشار إلى ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار.
انظر عوالي اللئالي ـ ابن أبي جمهور الأحسائي ٤ /١٠٤.
(٤) أي المصادفة.
(٥) سورة البقرة : آية٣٥.
(٦) سورة البقرة : آية٢٢.